تلوث مياه الشرب له كثير من الأنواع المختلفة التي تشكل خطراً على جميع الكائنات الحية ومن أخطر أشكال تلوث مياه الشرب التلوث بأشباه المعادن السامة؛ ومن أكثر أشباه المعادن خطورة الزرنيخ لسميته الشديدة عند توفره بتركيزات عالية داخل المياه، بالإضافة إلى صعوبة التعرف على تلوث المياه بالزرنيخ لإن الزرنيخ لا رائحة له أو طعم يمكن تذوقه، وتكمن خطورة الزرنيخ عند شرب المياه الملوثة بالزرنيخ التي تتسبب في الإصابة بالتسمم الزرنيخي بأشكاله المختلفة الذي قد تظهر أعراض التسمم به بشكل سريع وحاد للغاية وقد يستغرق الأمر سنوات لظهور أعراض الإصابة بتسمم زرنيخي.
خطورة تلوث المياه بالزرنيخ
تلوث المياه بالزرنيخ يشكل خطورة حقيقية على صحة الإنسان،فالآثار والمخاطر الصحية التي تنتج عن تلوث مياه الشرب بالزرنيخ أكثر خطورة من تلوث المياه بعناصر آخرى مثل الآثار الضارة للنحاس والرصاص في المياه، فشرب المياه الملوثة بالزرنيخ السبب الرئيسي للإصابة بالتسمم الزرنيخي وهو الأمر الأكثر شيوعاً لوصول الزرنيخ إلى جسم الإنسان والتسبب في العديد من المخاطر الصحية على الرغم من وجود أسباب آخرى تؤدي إلى الإصابة بالتسمم الزرنيخي مثل تناول القشريات البحرية والأسماك الملوثة به أو إستنشاقه والعديد من الأسباب الآخرى التي سنوضحها لاحقاً، ولكن يبقى السبب الأبرز تلوث المياه السطحية والمياه الجوفية به وتخلله للصخور والتربة ثم إنتقاله إلى مياه الشرب التي يتناولها الإنسان بجرعات كبيرة لتسبب:- التسمم الزرنيخي الحاد وأعراضه القئ، والغثيان، والضعف العام، والإسهال الشديد، وتشوش الرؤية، والتشنجات، والصداع، والجفاف الشديد، والشعور بالعطش، وإضطرابات عضلة القلب، وآلام المعدة، والطفح الجلدي ثم دخول الشخص المصاب في غيبوبة وحدوث الوفاة إذا ما تأخر إسعافه.
- التسمم الزرنيخي المزمن وهو الأكثر شيوعاً عند شرب المياه الملوثة بالزرنيخ لفترات زمنية طويلة حيث تقوم الكلى داخل جسم الإنسان بالتخلص من الزرنيخ بكفاءة أقل بسبب تراكمه بشكل متواصل مما يؤدي إلى إرتفاع معدلاته داخل الجسم بشكل تراكمي ومتواصل دون الشعور به ولا تظهر أعراض له مباشرة ولكنه يتسبب في العديد من الأمراض الخطيرة بعد مرور فترة زمنية قد تصل إلى سنوات مثل إضطرابات الجهاز التناسلي، وسرطان الكلى، والسكر، وسرطان الرئة، وسرطان المثانة، وسرطان الجلد، والعمى الليلي، وتساقط الشعر.
أكبر حالات تسمم للمياه بالزرنيخ
في بنغلاديش وقبل سنوات حدثت كارثة إنسانية وحالات تسمم للمياه بالجملة بسبب إحتواء مياه الشرب على الزرنيخ، وقد أدى ذلك إلى العديد من حالات الوفيات وإنتشار أمراض آخرى وتتبني منظمة يونيسف وحكومة بنغلاديش خطط إنمائية مستمرة إلى وقتنا هذا للحد من تلوث المياه بالزرنيخ والآثار الصحية المترتبة عليه بعدما تم تركيب شبكة خطوط ضخمة لتوصيل مياه الشرب إلى المنازل وإكتشاف تلوث المياه بالزرنيخ وتفشي العديد من الأمراض هناك خاصة بين الأطفال وكبار السن.
أسباب التسمم بالزرنيخ
رغم أن تلوث المياه بالزرنيخ هو السبب الأكبر والأهم لكونه أحد العناصر الطبيعية التي تتواجد جيولوجياً داخل الصخور والتربة بالمياه واليابسة إلا إنه توجد أسباب آخرى للتسمم بالزرنيخ تؤدي إلى حدوث نفس المخاطر الصحية التي تحدثنا عنها سابقاً، وهذه هي اهم الأسباب التي تؤدي إلى التسمم بالزرنيخ:
- شرب المياه السطحية أو الجوفية التي تحتوي على تركيزات من الزرنيخ تفوق 0,01 ملليجرام لكل لتر في المياه وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية
- إستنشاق غاز الزرنيخ الذي يتواجد بالمبيدات الحشرية والأماكن الصناعية التي تقوم بصهر ومعالجة المعادن التي تحتوي على شوائب الزرنيخ ومصانع الرقائق الدقيقة وهو غاز شديد السمية
- تناول المأكولات البحرية التي تحتوي على تركيزات عالية من الزرنيخ وكذلك تناول الأرز الملوث بالزرنيخ فالزرنيخ يختزن داخل الأرز بشكل كبير بعد إمتصاص الأرز له من المياه والتربة
- التعرض للتسمم المباشر بالزرنيخ في مصانع الزجاج ومصانع مبيدات الأعشاب والقوارض والطحالب ومصانع السبراميك وورق الحائط ومصانع الدهانات حيث يدخل الزرنيخ في كل هذه الصناعات
- الأخطاء الطبية التي قد تقع عند طبيب الاسنان أثناء قتل عصب السن أو إستئصاله حيث يستخدم الزرنيخ طبياً في مثل هذه الحالات بشرط عدم تخطي الثقبة الذروية للأقنية اللبية من السن أو وجود جزء من الزرنيخ داخل السن
هذا بالإضافة إلى أن الزرنيخ له القدرة على التفاعل مع العناصر الآخرى بسهولة مثل الكلور وقد تحدثنا سابقاً عن أضرار الكلور ومخاطره الصحية على الإنسان والتفاعلات الضارة التي يتسبب بها.
فلترة المياه ومعالجتها من الزرنيخ
عملية فلترة المياه من الزرنيخ تتخذ أكثر من منحى ولها طرق مختلفة تعتمد على طرق ووسائل معالجة مياه متنوعة بحسب الإمكانيات المتوفرة والنتائج المستهدفة لإزالة الزرنيخ من المياه ونوع ومصدر المياه التي تجري عليها عملية المعالجة وإزالة الزرنيخ ومن هذه الطرق الفعالة التبادل الآيوني والتناضح العكسي والكلس والترسيب، ونظراً لإن عملية فلترة المياه ومعالجتها من الزرنيخ تختلف من مصدر إلى مصدر آخر حيث يكون آكثر شيوعاً في المياه الجوفية وأقل في المياه السطحية كما يوجد في فضلات المياه الصناعية الملوثة للمياه التي تنتج عن صناعة الدهان وصناعة الحبر والمبيدات وإستخلاص الذهب وصناعة الآمونيا وصناعة الألواح الخشبية وتكرير البترول وغسيل الفحم إلى غير ذلك من الصناعات المختلفة لذلك فإن فلترة المياه من الزرنيخ تتوقف على عدة عوامل فقد يكون آيون الزرنيخ خماسي التكافؤ أو ثلاثي التكافؤ وكذلك مردود معالجة المياه بواسطة المواد المخثرة للمراحل المختلفة وكذلك الأس الهيدروجيني أثناء عملية معالجة المياه من الزرنيخ ويقوم خبراء معالجة المياه بتحديد الطريقة الأمثل لعملية الفلترة الازمة لعزل الزرنيخ بحسب طبيعة المياه والإستخدام.
تعليقات
إرسال تعليق